The Scent of Success: An Exclusive Conversation with Ali Al-Durei'a, Founder of Attar Perfume

رائحة النجاح: حوار خاص مع علي الدريع، مؤسس شركة عطار للعطور

في عالم العطور الفاخرة التنافسي، حيث تَعِد علامات تجارية لا تُحصى بالجودة، رسّخت دار عطار للعطور مكانتها كمنارة للأصالة والثقة. خاض مؤسسها، المحاضر والخبير المرموق علي الدريع، رحلةً من هاوٍ شغوف إلى رائد أعمال ناجح، آسرةٌ كعطوره التي يُبدعها. في هذه المدونة الحصرية، سنخوض نقاشًا صريحًا وشيقًا مع الدريع، نستكشف فيه فلسفته، وأسرار هذه المهنة، والمعنى الحقيقي للفخامة في عالم العود.


أصول العطر: تفنيد الأسطورة الفرنسية

يعتقد الكثيرون أن العطور فرنسية الأصل، لكن الدريع يُصحح هذا الاعتقاد الخاطئ سريعًا. يقول: "الفرنسيون حديثو عهد بهذا المجال. نشأ العطر مع الفراعنة، وكان العرب يستخدمونه قبل ظهور الإسلام بزمن طويل". ويشير إلى أن العديد من ماركات العطور العالمية تستخدم أسماءً عربية لمكونات مثل العود وخشب الصندل والعنبر ، مما يُثبت إرث العالم العربي العريق في صناعة العطور. وتؤكد حقيقة أن الأوروبيين تعلموا العطور من العرب خلال العصر الذهبي للإسلام في الأندلس صحة حجته.


كيفية التمييز بين الجودة: ما وراء اختبار الفقاعة

عندما يتعلق الأمر بتمييز العطر الجيد عن الرديء، يؤكد الدريع أن الأمر لا يقتصر على الرائحة فحسب. ويُحلل العوامل الرئيسية:

  • المواد الخام: جودة الزيوت والمكونات لها أهمية قصوى.

  • المذيبات: يلعب نوع المذيب المستخدم دورًا حاسمًا.

  • المكونات: التركيبة الشاملة والتوازن للعطر.

  • التعبئة والتغليف: حتى الزجاجة والرشاش يمكن أن يشيرا إلى الجودة.

بينما قد يعتمد الكثيرون على حيل تقليدية مثل "اختبار الفقاعات"، يرفض الدريع هذه الحيل التسويقية ويعتبرها حيلًا قديمة. ويوضح: "نحن في عام ٢٠٢٤. اليوم، توجد أجهزة تُحدد التركيبة الدقيقة للعطر، بما في ذلك نسبة الزيوت الطبيعية إلى الزيوت الكيميائية".

يتحدى الدريع أيضًا فكرة أن زيادة عدد المكونات تُحسّن العطر. يقول: "إنها حيلة تسويقية. عندما يُقال لك إن العطر يحتوي على 70 مكونًا، فأنت تُغفل المغزى. الأهم هو جودة ورائحة هذه المكونات".


رائحة الشخص: لماذا يتفاعل العطر مع جسمك

إنها تجربة شائعة: تشمّ عطرًا على صديق وتُعجب به، لكن عندما تشتريه لنفسك، تجد رائحته مختلفة. يؤكد الدريع أن العطر يتفاعل مع كيمياء جسمك. يقول: "يتفاعل العطر مع ملابسك، وبشرتك، وحتى مع نوع الطعام الذي تتناوله. إذا تناولت أطعمة حارة، فقد تُغيّر رائحتها". وهذا يُفسر لماذا يُمكن لنفس العطر أن يُكوّن رائحة فريدة لدى أشخاص مختلفين.

يؤمن الدريع إيمانًا راسخًا بأن عطر الشخص هو هويته . ويقول: "إنه جواز سفرك إلى قلوب الناس". ويجادل بأن تغيير العطر باستمرار ليس ضروريًا، ولكن امتلاك رائحة مميزة يتعرف الناس عليك من خلالها هو دلالة قوية.


سر رائحة متجر العطور

كل من دخل متجرًا للعطور الفاخرة يعرف رائحته المميزة والجذابة. ويكشف الدريع أن هذا ليس صدفة. ويوضح قائلًا : "رائحة المتجر هي مزيج من جميع العطور المعروضة هناك". هذا المزيج الفريد من الجزيئات يُنتج رائحة مميزة لا تُضاهى، وليست للبيع، مصممة لترك انطباع دائم لدى الزبائن.


سوق متنامية: جاذبية ومخاطر تجارة العود

شهد عالم العطور ازدهارًا هائلاً، مع تشكيلة لا حصر لها من الروائح لكل شيء، من الملابس إلى السيارات. ويرى الدريع أن هذا اتجاه إيجابي، وإن كان مؤقتًا. يقول: "هذه فروع، لكن الجذع الرئيسي هو العطور الكلاسيكية". ويشير إلى أن تزايد ثروة مواطني الخليج أدى إلى انتشار العلامات التجارية والمنتجات، مما جعل السوق أكثر حيوية من أي وقت مضى.

ومع ذلك، يصاحب هذا النمو تحديًا كبيرًا: الاحتيال . يُقرّ الدريع، الذي يعمل في هذا المجال منذ أكثر من 13 عامًا، بأنه وقع هو نفسه ضحيةً لعمليات احتيال. ويصرح بصراحة: "في مجالنا، القاعدة هي افتراض وجود احتيال وإثبات خطأه، وليس العكس". لقد تعلّم درسًا قاسيًا، إذ خسر أموالًا على شحنات كبيرة لم تكن مطابقة للمعايير.

ينصح كل من يتطلع إلى دخول هذه التجارة بتوخي الحذر والبدء بأساس متين من المعرفة. ويحذر قائلاً: "لا تبع ما لا تفهمه". ويؤكد على أهمية وجود تاجر محلي حسن السمعة، ويشجع الوافدين الجدد على حضور ورش العمل المجانية التي يقدمها، حيث يشارك أسراره وتجاربه بصراحة.


معاناة ونشوة اكتشاف نادر: معضلة جامع التحف

الدريع ليس مجرد تاجر، بل هو جامع شغوف للعود النادر. يروي أغلى ما اشتراه: كيلو عود فلبيني مقابل 150 ألف دولار . وعندما سُئل عن مشاعره عند بيع قطعة نادرة كهذه، أقرّ بمزيج من المشاعر. ويوضح: "إنه شعورٌ مريرٌ حلوٌ في آنٍ واحد. فرحة إيداع مبلغٍ في البنك حقيقية، وكذلك حزن رؤية قطعة عود نادرة تُغادر خزنتك".

حتى أنه يروي قصة محاولته شراء عود نادر من أحد الزبائن بأربعة أضعاف سعره الأصلي، لكن الزبون رفض. وهذا يُبرز الطبيعة الفريدة لسوق العود النادر: فبعض القطع لا تُعوض.


العطاء: ورش عمل مجانية يقدمها علي الدريع

يتجاوز التزام الدريع بمجتمع العطور نطاق عمله. فهو يُقيم ورش عمل سنوية مجانية في مختلف دول الخليج لتعريف الناس بالعود. يقول: "أشعر بالفخر. أرى البذور التي أزرعها تنمو لتصبح أشجارًا، وأنا فخور بها". يُقدم هذه الجلسات مجانًا، معتبرًا إياها وسيلةً لرد الجميل وبناء شبكة من العملاء المُلِمّين.

وفي الختام، يقدم الدريع نصيحة أخيرة: "لا تبخل على نفسك". ويشجع الناس على الاستمتاع بالروائح التي يحبونها، فالحياة أقصر من أن ترضى بالقليل.

رحلة عطار للعطور دليلٌ قاطع على أن النجاح لا يقتصر على أرقام المبيعات فحسب، بل يتعداها إلى بناء إرثٍ من الثقة والاحترام والجودة التي لا مثيل لها، إرثٌ يزداد عبيرًا مع مرور الوقت، كأندر أنواع العود.