The Art of Oud: An Exclusive Conversation with Ali Al-Durei'a, Founder of Attar Perfume

فن العود: حوار خاص مع علي الدريع، مؤسس دار عطار للعطور


فن العود: حوار خاص مع علي الدريع، مؤسس دار عطار للعطور

في عالم العطور الفاخرة التنافسي، حيث تَعِد علامات تجارية لا تُحصى بالجودة، رسّخت عطار للعطور مكانتها كمنارة للأصالة والثقة. مؤسسها، علي الدريع، شخصية مرموقة، وقد كانت رحلته من هاوٍ شغوف إلى رائد أعمال ناجح آسرةً تمامًا كعطوره المختارة بعناية. في هذه المدونة الحصرية، نخوض نقاشًا صريحًا مع الدريع حول أسرار هذه المهنة، وفلسفة عطار للعطور، والمعنى الحقيقي للفخامة في عالم العود.


الخطوة الأولى: شغف الهواة وثقة الشيخ

لم تبدأ قصة علي الدريع في قاعة اجتماعات، بل في منزل طفولته. غرست والدته الراحلة شغفه بالعود، إذ كانت تُحضّر البخور العطري التقليدي من الصفر. أشعل هذا التعرّف المبكر على فن العطور شغفًا به، تطور لاحقًا إلى مشروع تجاري مزدهر.

بدأت رحلته المهنية بثقةٍ كبيرة، حيث تواصل مع شخصياتٍ بارزة في الخليج. يعزو الدريع نجاحه إلى معادلة بسيطة لكنها فعّالة: جودة المنتج وسمعة التاجر . يوضح قائلاً: "الشيخ كالشجرة، شيخٌ واحدٌ يُعطيك عشرة، والعشرةُ كلٌّ منهم يُعطيك خمسةً. بمجرد أن تكسب ثقةَ الشيخ الأول، إذا أحسنتَ العملَ وصدقتَ في التعامل، ستنتشرُ في العائلة."

من الذكريات المؤثرة التي يرويها الدريع ذكرى الشيخ دعيج الخليفة الصباح، رحمه الله. كان الدريع، رائد أعمال شابًا قليل الشهرة، فاتصل بالشيخ المعروف بدعمه للمشاريع الكويتية. لم يكتفِ الشيخ بحضور معرض الدريع، بل قال له بعد شراء شيء: "سأدعم أي كويتي، حتى لو كان يبيع أعواد أسنان". أصبحت هذه اللحظة المؤثرة من الدعم والتشجيع حجر الزاوية في التزام الدريع بالتميز والنزاهة.


كسر الاحتكار: لمحة عن سوق الجملة

كانت استراتيجية الدريع التجارية جريئة وغير تقليدية. لاحظ وجود فجوة كبيرة في السوق الكويتي: إذ كانت تجارة العود بالجملة تحت سيطرة قلة مختارة من التجار غير الكويتيين. فبدلاً من المنافسة المباشرة، قرر دخول السوق بميزة فريدة - شراكة مع تاجر هندي مخضرم. ويوضح قائلاً: "عندما يُخيّر العميل الكويتي بين هندي وكويتي، فإنه سيختار الكويتي".

بُنيت هذه الشراكة على تآزر مثالي: فقد امتلك شريكه، السيد نياز، الخبرة وشبكة التوريد، بينما وفّر الدريع رأس المال والعلاقات المحلية المتينة. ولإتقان هذه التجارة، أمضى الدريع أشهرًا في الهند، منغمسًا في الثقافة المحلية ومتعلمًا مباشرةً من المصدر. رفض أن يكون شريكًا سلبيًا، واختار بدلاً من ذلك المشاركة الفعّالة في أسواق الجملة والتعرّف على تفاصيل العمل عن كثب. لم تُصقل هذه التجربة العملية خبرته فحسب، بل أكسبته أيضًا السمعة والثقة اللازمتين لبناء علامته التجارية.

إن فترة الدريع في الهند، وتأسيسه لنشاطه في تجارة الجملة هناك، منحته فهمًا لا مثيل له لاتجاهات السوق. ومن خلال رصده لأنواع العود الأكثر طلبًا من قِبل عملائه في قطاع الأعمال، استطاع التنبؤ برغبات عملاء التجزئة، مما مكّنه من استباق تحولات السوق والحفاظ على ميزة تنافسية.


حقيقة مصادر العود: دحض الخرافات الشائعة 🌿

غالبًا ما يُحاط عالم العود بقصص رومانسية عن استخراجه من أعماق الأدغال. يُقدم الدريع لمسةً من الواقع، مُؤكدًا أن هذه التجارة أكثر تعقيدًا وخطورةً في بعض الأحيان. يقول الدريع بصراحة: "لا يدخل أي تاجر خليجي الأدغال. هذه مهمة السكان المحليين، رجال الجبال". ويروي تجربةً مروعة في سريلانكا حيث احتُجز رفيقه الشاب تحت تهديد السلاح لالتقاطه صورة. هذه هي حقيقة التعامل مع سلعة غالبًا ما تسيطر عليها جماعات محلية نافذة.

فيما يتعلق بعود المزارع، يوضح أنه على الرغم من كونه شيئًا، إلا أنه يختلف عن العود البري. فالعود البري هبة من الطبيعة، بينما يتطلب العود المزروع في المزارع تدخلًا بشريًا لتسريع عملية تكوين الراتنج. ويوضح قائلًا: "العود الذي تشتريه اليوم بخمسين دينارًا قد يُباع بسبعين دينارًا العام المقبل، لكن جودته ستكون أقل". هذه هي طبيعة السوق: تنخفض الجودة مع ارتفاع الطلب وتراجع العرض، مما يجعل مشتريات اليوم استثمارًا محتملًا للمستقبل.


المستثمر ضد المستهلك: وجهان لعملة واحدة 🪙

يتناول الدريع مباشرةً فكرةً خاطئةً شائعةً مفادها أن شراء العود إهدارٌ للمال لأنه يُحرق. ويردُّ قائلًا: "هذا كمن يقول إن من يأكل وجبةً يُبدد ماله. إنها مصلحةٌ شخصية". ويرى العود تجربةً، وجزءًا من هوية الإنسان وأناقته.

يشرح أيضًا الإمكانات الاستثمارية للعود النادر. وبينما يُحذّر من الاستثمار في العود منخفض الجودة أو متوسط ​​الجودة، يُسلّط الضوء على العوائد الاستثنائية للأنواع النادرة والفريدة. ويتذكر عملية شراء عود ارتفعت قيمتها من 5000 دينار إلى 60,000 دينار في ثلاث سنوات فقط، وهو عائد مذهل يُثبت أن العود النادر أصلٌ مشروع. وينصح بقاعدة بسيطة: استثمر في العود النادر عالي الجودة الذي لا يزال في طور النمو، وليس في الأنواع التي بلغت ذروتها بالفعل.


التعامل مع سوق معقدة: نصائح علي الدريع للمبتدئين

للمبتدئين في عالم العود، يقدم الدريع نصائح عملية وأساسية. ويحذر من انتشار المنتجات المقلدة والمغشوشة، وخاصةً في عالم الإنترنت والمزادات غير المنظمة. ولتجنب الوقوع في فخ الاحتيال، يقدم بعض النصائح:

  • احذر من رقائق العود أحادية اللون : يحتوي الخشب على الكثير من التدرجات والألوان الطبيعية.

  • فحص الشوائب : استخدم مصباح الهاتف الخاص بك للتحقق من عدم وجود لمعان غير طبيعي أو بقايا غراء.

  • ثق بحواسك : وزن رقاقة العود عالية الجودة دليلٌ قاطع. إذا شعرتَ بثقلٍ غير عادي، فقد يُملأ بالرصاص لزيادة وزنه.

  • ابدأ بعمليات شراء صغيرة : قبل الالتزام بكمية كبيرة، قم بشراء عينة صغيرة لاختبار جودتها.

  • التزم ببائع موثوق : إذا وجدت تاجرًا يعجبك عوده وتثق به، فالتزم به. هذه هي الطريقة الأكثر موثوقية لضمان حصولك على منتج أصلي.

إرث عطار للعطور: أكثر من مجرد رائحة

اليوم، وسّع عطار للعطور حضوره، لكن الدريع لا يزال متمسكًا بالمبادئ التي بنت علامته التجارية. يواصل تنظيم ورش عمل مجانية لتثقيف الناس حول العود، معتبرًا إياه مسؤولية اجتماعية وأداة تسويقية فعّالة. يقول: "نشر المعرفة هو رد الجميل، ورضا العميل هو أفضل دعاية يمكنك تقديمها".

أسلوبه في المبيعات فريدٌ بنفس القدر. يُشبّه العود النادر بالعروس - ليس شيئًا يُتباهى به أمام الجميع، بل يُعرض فقط للخاطب الجدير، العميل الجاد. ويختتم قائلاً: "عندما يأتي خاطبٌ جيدٌ ذو سمعةٍ طيبة، تُقدّم 'ابنتك' بفخر".

رحلة عطار للعطور دليلٌ قاطع على أن النجاح لا يقتصر على أرقام المبيعات فحسب، بل يتعداها إلى بناء إرثٍ من الثقة والاحترام والجودة التي لا مثيل لها، إرثٌ يزداد عبيرًا مع مرور الوقت، كأندر أنواع العود.